الكاتب : عبدالله محمد القاق
القرار الذي اتخذته القمة التشاورية لمجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الذي عقد في الرياض يوم الاول من امس بحضور قادة دول المجلس بالطلب من الاردن استكمال اجراءاته للانضمام الى المجلس ودعوة وزير الخارجية ناصر جودة للاستماع منه الى تصورات الاردن لهذا الانضمام يمثل خطوة خليجية جادة نحو اهمية الاردن في دعم الاستقرار العربي، ومساهماته حيال مختلف القضايا التي تهم الامتين العربية والاسلامية فضلا عن الدور الكبير الذي بذله جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم التضامن العربي والدول الخليجية في مواقفها والتي تجسدت على ارض الواقع ركائز عدة من اجل دفع التنمية الخليجية الاقتصادية والاجتماعية التي كالما تطلعت لها شعوب المنطقة.
هذا الموقف الخليجي ينم عن تقدير كبير للاردن بانضمامه اليه وهو ما سبق ان اعلن في اكثر من مناسبة مسؤولون خليجيون من ان الاردن هوعمق دول هذا المجلس ومواقفه متميزة على المستويين العربي والدولي بالاضافة الى سجل مشرف تجاه القضايا الاقليمية والدولية والتي كانت تمثل مواقفه الدعم والتأييد لهذه الدول والمنظومة الخليجية والتي سخرت دولها امكاناتها وطاقاتها لتهيئة الارضية المشتركة لاقامة مؤسسات اقتصادية عدة مثل السوق المشتركة والاتحاد الجمركي الخليجي فضلا عن ان المجلس قطع شوطا كبيرا في تنفيذ الاتحاد النقدي الخليجي وتبنى فكرة عملة موحدة لما لها من منافع ايجابية على اقتصاديات دول المجلس من اجل ان تكون منزلة الارضية الصلبة التي يقف عليها مجلس التعاون لتوطيد علاقاته بالدول والتكتلات الاقتصادية الاخرى والدخول في مفاوضات تجارية لفتح الاسواق العالمية امام صادراته واستثماراته.
فدعوة الاردن للانضمام الى المجلس خطوة جيدة تجسد موقفه حيال مختلف القضايا العربية والدولية نظرا لتوازنه وانفتاحه واستقراره واقتصاده المتطور.. وجاذبية الاستثمار فيه ومدى انفتاحه على دول الخليج لمواجهة الظروف والتحديات الراهنة وتطابق سياسته مع سياسة هذه المنظومة الخليجية في رغبته في التكاتف والترابط لدفع عجلة التنمية المستدامة.
هذه الدعوة الخليجية للاردن وكذلك الطلب من المملكة المغربية بالانضمام الى عضوية هذا المجلس يؤكدان ان المجلس ليس منغلقا على دولة بل منفتحا على الدول العربية لتوسيع قاعدته واعماله وهو بذلك يكون داعما قويا للجامعة العربية في توجهها ويحقق سياسة التكتل العربي الرصين من منطلق التقارب الفكري والعقائدي الذي يجمع شعوب المنطقة والرغبة في تحقيق التنسيق والترابط والتكامل بين دول المشرق والمغرب في شتى الميادين خاصة وان الاردن والمغرب تتمتعان بالاستقرار والطمأنينة والاقتصاد الحر فضلا عن ان هذه الخطوة تعتبر انجازا كبيرا لخلق الكيانات الاقتصادية القادرة على تحقيق معدلات النمو التنافسية.
وهذه القمة التي اقرت توسيع هذا التجمع تجيء في ضوء الاحداث الراهنة العربية ومواقف ايران من الدول الخليجية وثورة الربيع العربي التي تشهده المنطقة وخاصة عدم الاستقرار في اليمن وليبيا وبعض الاقطار العربية، فهذا التجمع الجديد يهدف الى تعزيز هذه المنظومة وتطويرها بما يعود على شعوب دول المجلس والاردن والمغرب بالخير بغية تعزيز المناخات الاستثماية والتجارية تمهيدا لتحقيق السوق العربية المشتركة فضلا عن ان هذا الانضمام سيكون داعما لموقف دول الخليج في هذه الظروف الراهنة تجاه ما يحاك لها من مؤامرات او تحديات بغية مواجهة التطورات في المنطقة.
ولعل تصريحات ملك البحرين التي اكد فيها انفتاح بلاده على التحاور مع ايران قبيل اجتماعات مجلس التعاون الخليجي تمثل سياسة رائدة وحكيمة للبحرين ولدول مجلس التعاون بغية انهاء الخلافات مع ايران وبدْ صفحة جديدة من الحوار الذي يحقق الاستقرار في المنطقة خاصة وان البحرين لها سياسة رائدة ووطنية وقومية وهادفة بغية دعم التعاون الخليجي والعربي بشكل عام وقام جلالة الملك حمد بدور كبير للنهوض بهذه المملكة في مختلف المجالات خاصة وان جلالته لعب دورا كبيرا لدعم هذا المجلس واسهم في دعمه للمسيرة المباركة للوصول الى مرحلة متقدمة قوامها التكامل والوحدة لا سيما بعد ان دخلت المسيرة عقدها الثالث.
ولعل انضمام الاردن والمغرب لهذه المنظومة سيكون له الابعاد الكبيرة لتحقيق المزيد من المكتسبات المشتركة نحو تجسيد الغايات والاهداف التي ارساها قادة دول مجلس التعاون الخليجي وتشد ازرها قاعدة شعبية مساندة كالاردن والمغرب وستكون الدولتان السند والداعم لتحقيق الطموحات الوطنية والقومية المشتركة لتسريع وتيرة التعاون الفاعل والسعي الى المزيد من الزخم لهذه المنظومة لترجمة اهداف المجلس الى واقع ملموس يلبي تطلعات شعوب الدول المنضوية في لوائه بغية تعزيز الاداء والبناء -كما قلت في مقال سابق منذ اسبوعين- بغية العمل المشترك الفاعل للارتقاء بمسيرة هذا المجلس الى درجات اعلى من التكامل والوحدة وينعكس بالتالي ايجابا على امن واستقرار دول المجلس وتدمها ورفاهية شعوبها.
لقد كان هذا الاجتماع التشاوري لدول مجس التعاون الخليجي في الرياض علامة مميزة في توسيع نطاق هذا المجلس والذي سيسهم في دفع نشاطاته واعماله وانجازاته قدما لتحقيق الاهداف والغايات المرسومة وستفتح هذه الخطوة الرائدة بانضمام الاردن والمغرب للمجلس آفاقا جديد للتعاون من اجل حاضر زاهر وغد واعد بالرخاء والطمأنينة.
ولا شك ان هذه الموافقة على انضمام الاردن والمغرب لهذه المنظومة الخليجية تتسم بالسياسة المنهجية والوطنية لهاتين الدولتين حيث تنتهجان مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى واتباع سياسة حل النزاعات والخلافات بالحوار وبالطرق السلمية ودعم المؤسسات الدولية وفي مقدمتها منظمة الامم المتحدة وهي نفس سياسة هذه المنظومة الخليجية التي تهدف الى تعزيز التعاون العربي والدولي المشترك فضلا عن تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الاعضاء ورسم الاستراتيجية الضرورية لتحسين البيئة الاستثمارية في دول المجلس وتحقيق التعاون في مجالات التنمية البشرية والعلاقات الاقتصادية الدولية والبحث العلمي وتطوير القاعدة العلمية وتبادل التعاون في مختلف القضايا المالية والتجارية والاستثمارية.
خطوة جديرة بالتقدير تجاه الاردن والمغرب اقدمت عليها دول مجلس التعاون الخليجي لما للاردن من دور بارز ونشط عبر مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاستثمارية.