عمان-(بترا )-كرّم الله سبحانه وتعالى الامة الاسلامية بليلة القدر التي انزل بها كتابه المحفوظ وقدر بها ارزاق الخلق ومكاسبهم , ففيها يقود جبريل عليه السلام مواكب الملائكة الى الارض لتسلم على المؤمنين في ليلة ، سلام هي حتى مطلع الفجر .
هي إحدى ليالي شهر رمضان الفضيل وأعظمها قدرا، فهي خير من الف شهر ومن استحق فضلها غفر ذنبه وعظم اجره وفتحت له ابواب السماء .
وقد أمر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتماس ليلة القدر وإحيائها كي يحظى المسلم بالثواب الجزيل الذي أعده الله تعالى لعباده الصائمين القائمين .
وترجى في ليلة القدر، الليلة الشريفة المباركة المعظّمة ، إجابة الدعاء فيها، وهي أفضل اللّيالي قال الله تعالى:
ليلةُ القدر خيرٌ من ألف شهر سورة القدر، أي ان قيامها والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر خالية منها .
وجدير بالمسلمين أن لا يفوتهم وقتها وأن يحرصوا على إحيائها، بما يناسب مكانتها الروحية فيمضون وقتها كلّه قياماً بين يدي ربّهم ، مسبّحين، راكعين، ساجدين لله شاكرين.
ولعلّ ما ورد في الأحاديث الصحاح من ذ كرها وتلمّسها في العشر الأواخر من رمضان، توجيه للأمّة منه صلّى الله عليه وسلّم لإحياء هذه اللّيلة شكرا لله تعالى على ما هداهم بهذا القرآن الكريم في هذه اللّيلة المباركة.
مساعد امين عام وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الاسلامية الدكتور عبد الرحمن ابداح قال لوكالة الانباء الاردنية (بترا ) ان ليلة القدر التي انزل فيها القرآن الكريم ليلة مباركة عظيمة حيث تحدثت عنها سورة القدر عندما ذكر فيها انزال القرآن بصيغة العظمة (انا) ،لا بصيغة المفرد , كما جاء الحديث عن القرآن بصيغة الغائب (انزلناه) وهي اشارة الى علو القرآن وان الله سبحانه وتعالى انزله من علاه الى بيت العزة في السماء الدنيا ثم الى قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
وبين ان تسمية ليلة القدر بهذا الاسم قد يقصد به العظمة والمكانة لانها ليلة لا تضاهى بمنزلتها العليا عند الله سبحانه وتعالى وقد تكون من التقدير اي ان المولى عز وجل يقدر فيها ما سيكون من ارزاق واحوال للسنة المقبلة كما ان بعض اهل العلم يرى انها من الضيق حيث تضيق الارض لكثرة من يتنزل فيها من الملائكة لتشهد هذه الليلة بامر من الله تعالى.
وقال الدكتور ابداح ان تكرار كلمة ( ليلة القدر ) ثلاث مرات في السورة الكريمة قد تكون له دلالة من حيث عدد الحروف اذ ان حروف ( ليلة القدر ) تسعة فاذا ما تكررت ثلاث مرات صارت سبعة وعشرين حرفا وفي ذلك اشارة ( كما جاء في بعض التفاسير ) الى ليلة القدر وانها في السابع والعشرين من الشهر الفضيل والله اعلم .
واضاف ان ليلة القدر هي ليلة ( سلام ) وان المقصود بذلك هو ان الملائكة تسلم على المؤمنين والمؤمنات ويستمر السلام حتى مطلع الفجر ولهذا السلام فوائده وبركاته فقد سلمت الملائكة على سيدنا ابراهيم عليه السلام ذات مرة قال تعالى (اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام ) كان من بركات هذا السلام ان نجاه الله تعالى من النار فكيف بمن تسلم عليه الملائكة طيلة هذه الليلة من المؤمنين .
استاذ الحديث الشريف في الجامعة الاردنية الدكتور محمود شديفات قال ان ليلة القدر ليلة مباركة تأتي في العشر الاواخر من رمضان , وسميت بذلك لان قدرها عند الله عز وجل عظيم , ولها قدر عظيم عند المسلمين فقيامها يُكسب المسلم اجرا اعظم من عبادة الف شهر , تنزل فيها الملائكة مع جبريل عليه السلام ينشرون السكينة والسلام في الارض حتى يطلع الفجر , ولذلك انزل الله سورة في القرآن الكريم سميت بسورة القدر .
واضاف انه جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " ولا يحرم اجرها الا محروم , روى انس بن مالك عن رسول الله عليه السلام انه قال " فيه ليلة خير من الف شهر , ولا يحرم خيرها الا محروم " حديث حسن .
وهي في العشر الاواخر من رمضان فقد كان الرسول الكريم "يجتهد في العشر الاواخر من رمضان ما لا يجتهد في غيره " رواه مسلم , وكان النبي الكريم يحيي الليل كله صلاة وعبادة .
واشار الى انه جاء في حديث متفق على صحته رواه البخاري ومسلم ان الرسول قال :
من كان يتحيرها فليتحرها في السبع الاواخر من رمضان , " وروى الامام البخاري عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال :" تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الاواخر من رمضان " اي الليالي الفردية .
وروى مسلم عن ابي كعب انه قال :" والله انها ليلة سبع وعشرين التي امرني رسول الله بقيامها , وعلامتها ان تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها " .
وبين ان ذلك يؤكد ما رواه الامام احمد في مسنده عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال :" من كان متحريها فليتحرها ليلة السابع والعشرين " , وقال ان خير الدعاء في هذه الليلة ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة قولي :" اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني" حديث صحيح رواه الترمذي .
وقال الدكتور شديفات انه يتوجب على المسلم ان يكثر في هذه الليلة من الصلاة والدعاء لنفسه وللمسلمين والتوبة والاستغفار , والدعاء لاولي الامر بالسداد والرشاد والبطانة الصالحة , وتلاوة القرآن الكريم والصدقة وبر الوالدين والاحسان الى الجيران .
رئيس قسم الدعوة والدراسات الاسلامية في جامعة العلوم الاسلامية الدكتور امين عمر قال ان ليلة القدر سميت بذلك من التقدير , والقدر لغة هو المكانة الرفيعة , وليلة القدر هي ليلة ذات قدر لنزول القرآن الكريم فيها , قال تعالى : انا انزلناه في ليلة القدر وقال : شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان .
وعن فضلها قال انه ثابت بكتاب الله عز وجل حيث ورد في القرآن في سورة القدر اضافة الى قوله تعالى في سورة الدخان : انا انزلناه في ليلة مباركة .
وبين ان فضل ليلة القدر ورد ايضا بالسنة النبوية المطهرة ، ففي صحيح البخاري :
"من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه " وفي رواية اخرى " وما تأخر" .
واشار الى واجب المسلم تجاه ليلة القدر حيث قال ان المسلم مطالب باحيائها وورد في احياء ليلة القدر احاديث عديدة منها ان الرسول عليه الصلاة والسلام قال :" من وافق ليلة القدر فليدع بهذا الدعاء ..
اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عني ".
وعن تحديد ليلة القدر في اي الايام هي ، قال ان للعلماء في هذه المسألة اقوال عديدة ، فمنهم من قال انها ليلة من ليالي رمضان , ومنهم من قال انها في العشر الاواخر ومنهم من قال انها ليلة السابع عشر منه , ومنهم من قال انها ليلة السابع والعشرين , والراجح انها في العشر الاواخر , ولذلك شُرع الاعتكاف في العشر الاواخر من الشهر الفضيل مبينا ان الرسول الكريم كان يعتكف ليلة الحادي والعشرين الى ان ينتهي شهر رمضان .
واشار الى ان من العلماء من قال بان الله سبحانه وتعالى اخفاها في الشهر حتى يجتهد المسلم في طاعته.
وعن علاماتها قال الدكتور عمر ان احاديث عدة وردت عن الرسول عليه السلام تدل على بعض العلامات , لكن ليس شرطا ان يراها المسلم , والواجب ان يجتهد في طاعة الله وان يتقرب اليه عز وجل وان يحيي ليلها بالقيام وقراءة القرآن والذكر والاستغفار.
التاريخ : 25-08-2011